1 قراءة دقيقة
اليأس الهادئ

ما هو شعورك الآن؟ 

من المهم أن تسأل نفسك يوميا، بل لأكثر من مرة في اليوم، بماذا أشعر الآن؟

 لاسيما إذا كان هناك شعور بالانزعاج؛ هذا السؤال سيرفع الوعي بالذات، وسيجعلك أكثر اتصالا بالحكيم الذي في داخلك، كي تلامس الحقيقة التي ترجوها وتبحث عنها. 

الشعور ببعض المشاعر المزعجة لا يعني أنني أواجه عدو لي، أو أن فيروسا دخيل يكاد يفتك بي، ولكن يعني أن هناك ولادة لنسخة أفضل، وما هذه المشاعر إلا آلام المخاض التي تسبق هذه الولادة. 

المشاعر في حد ذاتها ليست سيئة، مهما كانت، حتى لو كانت مزعجة ومؤلمة، فهي جيدة في هذه اللحظة – هنا والآن – وظهورها إنما هو إشارة لوجود شيء معين في الداخل يحتاج إلى تشافي وتكامل؛ لذلك أرى أن  الفكرة التي تقسم المشاعر على قسمين؛ سلبي وإيجابي؛ فكرة محبطة في حد ذاتها، تجعلك بطريقة لا واعية ترفض مشاعرك المزعجة والمؤلمة،  لذلك أرى أن  المشاعر مهما كانت نعمة وهبة جميلة من الله تعالى، لأنها وسيلة قوية جدا من وسائل التطور والارتقاء في الحياة، فهي أشبه ما تكون بسحابة كبيرة حجبت ضوء الشمس ثم تلاه رعد وبرق، ونزل المطر كي يظهر النور من جديد، وتتفتح الأزهار وتنضج الثمار. 

للأسف؛ أغلب الناس تعتبر المشاعر – السلبية – شيء مزعج للغاية، ويحاولن الهروب منها، أو تجنبها، أو كبتها، أو قمعها، مما يؤدي إلى ظهور أمراض جسدية ونفسية، وتعثر في العلاقات، وغربة عن الذات الحقيقية، وغياب الالهام والإبداع. 

وهنا يظهر الإيجو(الذات المزيفة) فتجعلهم ينخرطون في ممارسات سلوكية لا تنتهي، كإدمان مواقع التواصل الاجتماعي، والافراط في تناول الطعام، والتسوق والعلاقات وصولا إلى إدمان الخمور والمخدرات والجنس، وكل هذه الممارسات تنافي الفطرة السليمة. 

هؤلاء الناس يعانون من اليأس الهادئ، فهم يعيشون القلق والإحباط، ويتماشون مع حياة مملة لا تشبههم؛ خوفا من مواجهة مشاعرهم وظنا منهم أنهم يتجنبون ألم يصعب احتماله، بينما في الحقيقة، هم يفوتون على أنفسهم فرصة حقيقية للشعور بالسعادة والفرح، ولا يدركون المعنى الحقيقي للحياة.

 قلة هم أولئك الذي، يختارون الوقوف أمام أنفسهم بكل صدق ووضوح، ويواجهون مشاعرهم، ويتقبلون هذه المشاعر، ويحتضنونها ويعيشونها دون الانغماس فيها، ليكونوا مسؤولون حقيقيون عن تجربتهم الأرضية، ويستطيعون استنتاج العبر والدروس والرسائل التي تنبع من الحكيم الداخلي (الذات الحقيقية) ويتخذون إجراءات عملية وخطوات نابعة من الداخل، لتخطي الموقف والخروج منها بأسهل طريقة وأفضل احتمال. 

ما هو شعورك الآن؟ 

اسأل نفسك هذا السؤال، وكرره مرارا وتكرار، وفي كل مرة ستصل إلى طبقة أعمق مشاعرك، وستدرب نفسك على مراقبة مشاعرك، بالتالي، تصبح متمكنا من إدارتها بشكل صحيح، فتكن أنت القائد لها بدلا من أن تقودك، وحينها، ستحدث الفرق في جودة حياتك. 



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.